الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية مقترحات من أجل انتخابات تشريعية جديرة بٱمال وتضحيات الشعب التونسي في 17 ديسمبر وفي 25 جويلية.. بقلم سامي بن سلامة

نشر في  30 أوت 2022  (17:22)

بقلم عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سامي بن سلامة
بعد دخول الدستور الجديد حيز التطبيق، أضحت تركيبة هيئة الانتخابات الحالية غير دستورية، إذ تخلى الفصل 134 منه عن التركيبة الحالية المكونة من 7 أعضاء وعاد بنا إلى التركيبة الأصلية المكونة من 9 أعضاء.
ويبدو أن رئيس الجمهورية أعد العدة لذلك مسبقا، بعد أن تابع بدون شك كامل تفاصيل إدارتها السيئة للعملية الاستفتائية الأخيرة والتي كادت تتسبب في فشلها.
ومن الواضح بأنه كان على تمام الوعي بخطورة ترك مصير المسار الإصلاحي الذي انطلق يوم 25 جويلية 2021 والذي من المنتظر أن يشهد ٱخر مراحله بعقد الانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر 2022 بين أياد غير أمينة.
فعلاوة على سوء الأداء من النواحي الإدارية والتقنية والاتصالية وتعدد الأخطاء من الناحية السياسية وأبرزها الخطأ الجسيم المرتكب بإعلان نتائج أولية خاطئة،
فإن محاولة رئيس وأعضاء مجلس تصريف الأعمال الحالي الإستحواذ على صلاحيات رئيس الجمهورية وليّ ذراعه في علاقة بالمطلب الذي قدم له لإعفاء العضو الوحيد من المجلس الذي حاول إنقاذ مسار الاستفتاء بتهم مفبركة، فضلا عن محاولة الالتفاف على رفضه الضمني لاتخاذ قرار الإعفاء بتحدّيه بطريقة وقحة ومباشرة عن طريق إقرار زائف وغير قانوني لحالة الشغور الطارئ وفق الفصل 16 من قانون الهيئة من أجل فرض إدعاء كاذب بتعدد الغيابات، حيث سبق لهم منعه بالحيلة والتعسف من ممارسة مهامه،
تمثل كلها أسبابا وجيهة موجبة لحل مجلس الهيئة.
إن ذلك المجلس كان مصدرا مباشرا للغط كبير، ابتداء من تصريحات بعض أعضائه المتضاربة مرورا بتهديداتهم المتواصلة بالتشكي جزائيا، بكل من يعبر عن رأيه الحر سواء كان عضو حاليا أو سابقا أو فاعلا سياسيا أو إعلاميا أو ناشطا مدنيا، وانتهاء بإصرارهم على خلق البلبلة في جميع المراحل المفصلية التي مر بها الإستفتاء.
إذ لم يجدو لحظة أفضل من يوم الاقتراع في 25 جويلية الفارط لخرق القانون ومنع زميلهم من دخول قصر المؤتمرات.
كما تسببو يوم إعلان النتائج في بلبلة أخرى ناتجة عن إعلانهم نتائج أولية تتضمن أخطاء فاضحة.
وحتى بعد إنتهاء مسار الاستفتاء وإعلان النتائج النهائية، لم يجدو توقيتا أفضل من افتتاح قمة التيكاد- 8 للتشويش عليها وإصدار بلاغ يعاين حالة شغور وهمية.
من الواضح أن هؤلاء يشتغلون ضد مسار 25 جويلية ولا يمكن تسليمهم مصير الهيئة والبلاد.
وحيث أن المسألة تتعلق بالمصالح الوطنية العليا ولا تتعلق بمصالح شخصية.
وحيث أنها تتعلق بخروقات جسيمة وليس بخلافات شخصية.
وبما أنها تتعلق أساسا وقبل كل شيء بتطبيق مقتضيات الدستور الجديد،
فإنه أصبح من الضروري حل مجلس الهيئة الحالي وتقديم مقترحات عملية لإصلاح الهيئة وإعادة تأهيلها للإشراف على بقية المسار الإصلاحي وأداء دورها الوطني في المساهمة في بناء ديمقراطية حقيقية.
إن مجلس الهيئة الحالي في حكم المنتهي دستوريا وسياسيا. ولكي لا نضيّع على البلد وقتا ثمينا في المناكفات التي يختلقونها لربح الوقت من خلال خزعبلات وشكلانيات قانونية يسعون من خلالها للبقاء في الهيئة.
وحتى نتجاوز التنديد بالإخلالات والتجاوزات ونمر إلى إقتراح الحلول والإصلاحات.
فإننا نعتبر أن واجبنا الوطني ومتطلبات المصلحة الوطنية والظرفية التاريخية يحتمون علينا النظر للمستقبل القريب وعدم إضاعة مزيد من الوقت الثمين في الرد على خزعبلاتهم الشخصية.
وذلك بتقديم مقترحات عملية تفيد البلاد والعباد علينا جميعا العمل عليها بسرعة لإخراج الهيئة من الأزمة العميقة التي وضعوها فيها ولضمان ديمومة مسار 25 جويلية الذي أصبح مهددا باستمرار وجودهم في الهيئة.
فقد خبرنا تصرفاتهم اللا مسؤولة وقراراتهم الخاطئة والتي سوف تتسبب مثيلاتها في خلق اضطرابات وتشكيكا في الانتخابات التشريعية المقبلة سيكون من الصعب تجاوزها وتخفيف تبعاتها السياسية الداخلية والخارجية كما نجحنا في ذلك في الاستفتاء.
فالتشريعية المقبلة ستشهد مشاركة عديد الأحزاب السياسية فضلا عن الأفراد في عدة دوائر انتخابية صغيرة. والسماح بوقوع ما وقع في الاستفتاء وبنفس الأداء التعيس، إنما يمثل انتحارا سياسيا بأتم معنى الكلمة لمسار 25 جويلية. وذلك نظرا لما للوظيفة التشريعية من أهمية كبرى في عودة السير العادي لمؤسسات الدولة ولما للقبول العام بنتائج الانتخابات من أهمية كبيرة لضمان الإستقرار.
خاصة وأن ارتفاع مستوى المشاركة السياسية، الذي تسبب مجلس الهيئة الحالي عمدا في تخفيضه عن طريق عدم تشجيعه على المشاركة الشعبية، سيضمن لتونس الاستقرار السياسي المنشود.
من المهم أن لا ننسى ضحالة الدور الذي قام به مجلس تصريف الأعمال الحالي في تشريك الناخبين وحثهم على المشاركة في الاستفتاء لإدماجهم في الحياة السياسية.
لقد عاين الجميع أن الهيئة أصبحت هيئة لمكافحة الاستفتاء وتنفير الناخبين من الشأن السياسي رغم صرف المليارات في حملات اعلامية غير مجدية وفي وقت متأخر.
ولا يخفى على أي كان خطورة إجراء إنتخابات لا تحضى بمشاركة شعبية في المستوى ولا بقبول عام لنتائجها وما يمكن أن ينجر عنهما من عدم استقرار لنظام الحكم ومن اضطرابات سياسية جراء عدم الإدماج الكافي للمواطنين في العملية الديموقراطية.
ومن المؤكد أن المجلس الحالي غير واع بذلك وغير مهتم به بقدر تركيزه على الغايات الشخصية لأعضائه.
ولذلك لابد من تجاوز هذه الوضعية بسرعة والانتقال من النقد إلى تقديم الحلول.
يتمثل مقترحنا العملي في استغلال فرصة صدور مرسوم يعدل تركيبة مجلس الهيئة حسب الدستور الجديد وقبل الإنتخابات التشريعية القادمة للقيام بإصلاحات أكثر عمقا وأكثر جذرية لمؤسسة الهيئة من ناحية التركيبة وكذلك وخاصة من ناحية تسييرها إداريا.
ومن الأفضل برأينا أن يتم ذلك في وقت قصير، بما يمكن المجلس الجديد من الاشراف ومراقبة التقرير المتعلق بالاستفتاء ومراجعته بطريقة موضوعية وعقلانية.
إذ يمثل رئيس الجمهورية سلطة تشريعية وفق أحكام الأمر عدد 117 لحين انتخاب مجلس النواب الجديد. وهو المؤتمن الوحيد على مسار 25 جويلية وصاحب المبادرة السياسية فيه إلى حين استكمال فترة الاستثناء بإرساء ديموقراطية حقيقية تقطع مع ديموقراطية الواجهة التي تواصلت لحدود 24 جويلية.
وبالتالي، فإنه من حق رئيس الدولة بل ومن واجبه إصدار قانون أساسي جديد ينظم هيئة الانتخابات في شكل مرسوم، تماما كما حصل مع إنشاء الهيئة الأولى سنة 2011 وكذلك مع إنشاء الهيئة الثالثة زمن الاستفتاء.
لقد تعلمنا كثيرا من التجربتين المذكورتين وخاصة من تجربتنا الأخيرة. وتمكنا من تحديد عديد النقائص ومواطن الخلل التي ما كان من الممكن التعرف عليها لولا القبول بدخول الهيئة من جديد.
ونعتقد أن الحلول العملية التي نقترحها ستمكن من تداركها والتخلص من جلها، إذ أن باقي العملية الإصلاحية يجب أن تتم من الداخل. وهي تتعلق بناحيتين أساسيتين:
- تركيبة مجلس الهيئة
- الجهاز التنفيذي.
أولا- بخصوص التركيبة:
نقترح أن يكون مجلس الهيئة المقبل مكونا من مختصين في ميدان الانتخابات ومن تقنيين مختصين في ميادين محددة تحتاجهم الهيئة لحسن أداء عملها.
1- المختصون بمجال الانتخابات :
من الأفضل أن يكون عددهم أربعة والإعتماد بالتالي على ثلاثة أعضاء من أهل الخبرة في الانتخابات من الأعضاء السابقين مركزيا أو جهويا مع تطعيمهم بعضو من بين ناشطي المجتمع المدني الذين تمرسو في جمعيات أو منظمات وطنية تعنى بملاحظة الشأن الانتخابي.
على أن يتم الإختيار من بين الشخصيات الاعتبارية المشهود لها بالوطنية والكفاءة والاستقامة والنزاهة والاستقلالية.
ويجب أن نترك لرئيس الجمهورية حرية التعيين في المرحلة الحالية بدون تقييده بجهات اقتراح محددة. وذلك حتى لا نقع في نفس الإشكاليات التي سببها أعضاء مجلس الهيئة الحالي.
لكن وعلى كل حال، إن إرتأى رئيس الدولة صاحب السلطة التشريعية أن يستأنس في الاختيار بجهة إقتراح فله ذلك. خصوصا وأن جهة الاقتراح ستبقى مختلفة عن جهة التعيين بالنسبة لأعضاء الهيئة السابقة ويمكن أن تتمثل في الجمعيات المعنية بالنسبة للعضو من المجتمع المدني.
2- المختصون بالمجالات التقنية:
بحسب تجاربنا فيما يتعلق بالهيئة، فإنه لا يكفي أن تقتصر عضوية الهيئة على أشخاص من أصحاب التجربة بالانتخابات بل يجب تعزيزهم بمختصين في مجالات تقنية مهمة جدا على علاقة بذلك الميدان.
إذ ستبقى الهيئة في حالة إعاقة دائمة ما لم يتم دعم مجلس هيئتها بكفاءات تقنية ذات مستوى متميز.
ونجزم حسب ممارستنا العملية للشأن الانتخابي ومتابعتنا له منذ سنوات طويلة، بأن هيئة الإنتخابات تحتاج لتطوير عملها إلى 5 أعضاء يمتلكون مهارات عالية في الاختصاصات المحددة التالية:
- الإعلامية وقواعد البيانات والبرمجة.
- أنظمة الشبكات الإعلامية والسلامة المعلوماتية.
- الاحصاء ومعالجة البيانات.
- علم الاجتماع السياسي.
- الاعلام والاتصال.
و يحب ان يكون هؤلاء من الكفاءات الوطنية غير المنتمية حزبيا والمشهود لها وطنيا بالكفاءة والحياد ودوليا بمستواها الرفيع من الناحية التقنية.
بهذه الطريقة سنتحصل على هيئة مشكلة من 9 أعضاء بمستوى رفيع جدا.
ومن البديهي أن يكون رئيس الهيئة شخصا ديمقراطيا في تسييره للهيئة وأن يكون صوته مرجحا.
وأن يكون خصوصا من العارفين بميدان الإنتخابات ومن المطلعين على الشأن العام ومن المُلمّين بجميع تفاصيل العمليات الانتخابية وبمشاكل الهيئة المتراكمة وقادرا على إطلاق عمليات إصلاحية واسعة.
وعليه كذلك أن يكون محايدا وغير خاضع ولا موال لأي من الأطراف السياسية التونسية أو الأجنبية وولاؤه الوحيد للوطن.
ونقترح أن يتم انتخابه من قبل أعضاء مجلس الهيئة مستقبلا مع الاقتصار في الفترة الحالية التي تتطلب إعادة تركيز جديد للهيئة وإصلاحات عميقة في ظل مسار استثنائي وانتخابات تشريعية على الأبواب على تعيينه من قبل رئيس الجمهورية من بين الأعضاء التسعة الذين سيتم اختيارهم.
ومن الضروري خاصة لإنقاذ الانتخابات التشريعية القادمة، إنهاء أي إنتماءات حزبية مقنعة وأي إنتماءات قطاعية داخل مجلس الهيئة والإعتماد فقط على الخبرة والكفاءة في ميدان الانتخابات.
أما بخصوص المعضلة التي مثلها ويمثلها القضاة على المستوى الوطني وكذلك داخل مجلس الهيئة.
فإننا نقترح اقتصارهم على النشاط داخل محاكمهم لتطبيق القانون ومراقبة الطعون والمخالفات و إصدار الأحكام. والتفادي تماما لأية مشاركة مباشرة لهم في العملية الانتخابية سياسيا وتقنيا لكي لا يمثلو خصما وحكما في نفس الوقت.
إن هدفنا الأسمى يجب أن يتعلق بإصلاح الهيئة للمساهمة في إصلاح حال البلد.
ومن الطبيعي والحالة تلك المطالبة بأن تكون المداولات علنية وتبث مباشرة للشعب وأن يتم إمضاء محاضرها من قبل كل الأعضاء الحاضرين قبل نشرها. وأن تكون قرارات مجلس الهيئة مُلزمة لرئيس الهيئة وللإدارات في الهيئة. وأن يسترجع مجلس الهيئة دوره الرقابي على عمل رئيس الهيئة والإدارة مركزيا وجهويا.
وأن يتم مد الأعضاء بجميع المعطيات التي تساعدهم على اتخاذ القرار الصحيح عند التصويت.
ثانيا: بخصوص الجهاز التنفيذي:
يحتاج الجهاز التنفيذي لإصلاحات عميقة جدا من أهمها إلغاء منصب المدير التنفيذي نهائيا.
ذلك أن المدير التنفيذي الحالي اتخذ هيئة الانتخابات بمجلسها وإدارتها رهينة لديه، إذ أنه استحوذ على جميع السلطات وهو الحاكم بأمره حاليا داخلها.
وبالتالي يجب إنهاء دور الحاجب الذي يلعبه المدير التنفيذي في الهيكلة الحالية للهيئة والذي يمكنه من السيطرة على كل المديرين ومن الفصل بينهم وبين مجلس الهيئة.
إذ أنه يجب تعيين مديرين مركزيين كاملي الصلاحيات على كل مفصل من مفاصل الهيئة كالاعلامية واللوجستيك والشؤون القانونية ومراقبة الحملة والعمليات وغيرها.
ويجب أن يكون هؤلاء على إتصال مباشر برئيس الهيئة الذي عليه القيام بدوره في تنفيذ قرارات مجلس الهيئة المُصادق عليها بالتصويت ومتابعتها مع بقية المديرين وإعلام المجلس بالتقدم الحاصل في الأعمال المنجزة في كل إدارة.
ويجب أن يتم اختيار المديرين من قبل مجلس الهيئة الجديد بالتصويت بعد فتح باب الترشحات وفق شروط موضوعية.
ولا يجب ترك أي جانب من جوانب العملية بين يدي أحد المديرين أو الموظفين الذين قد يمثل غيابه تعطيلا لسير عمل الهيئة وللعملية الانتخابية.
حيث من الواجب أن يكون لكل مدير نائبا أو كاهية مدير ولكل رئيس مصلحة كذلك نائب ملم بأدق تفاصيل العمل. حتى لا نرهن مستقبل البلاد مرة أخرى بيد أشخاص غادروها ويشتغلون لحساب أطراف أخرى خارج الهيئة، كما حصل في الاستفتاء.
وإنما تكون لدينا مؤسسة دستورية متضامنة ومتعاونة وتضمن إستمرارية العمل داخل هذا المرفق العام الحسّاس.
كذلك يجب أن تكون الإدارة تحت سلطة رئيس الهيئة، على أن يراقب مجلس الهيئة في كل حين أعمال رئيس الهيئة الإدارية وأعمال الإدارة. وإن كان للأعضاء ملاحظات بشأن موظف معين يعلمون بذلك رئيس الهيئة رسميا أو بإمكانهم التصويت على قرار في شأنه. خصوصا وأنه من واجب المديرين مد الأعضاء بجميع التفاصيل والمعطيات حتى يستطيعوا اتخاذ القرارات المناسبة عن علم وإدراك.
و يجب طبعا استكمال وخاصة الإفراج عن نتائج التدقيق في سجل الناخبين وإجراء جرد شامل لجميع ممتلكات الهيئة وتدقيق كامل في أعمالها تحت إشراف إحدى الهيئات الرقابية التابعة لرئاسة الجمهورية.
كما يجب إجراء تغييرات عميقة على هيكلة الهيئة وعلى الإدارات الجهوية وإقرار هيئات فرعية دائمة تخضع الإدارات الجهوية لسلطتها مكونة من كفاءات محايدة ولو كانت إدارية.
إن إصلاح هيئة الانتخابات هو خطوة ضرورية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تضمن مصالح الشعب التونسي في إقرار ديمقراطية حقيقية تقطع مع ديمقراطية الواجهة والتضليل والتزييف والفساد والإرهاب والتذيل للأجنبي.
وهي مسألة وطنية تتجاوز المصالح الشخصية وتتطلب خدمة المصالح العليا لتونس بكل نكران للذات وبكل تشبث بنجاح مسار الإصلاح.
وإن المقترحات التي قدمناها بكل اختصار هي أقل ما يجب فعله في اقرب وقت حتى نتمكن من المضي قدما في مزيد انجاح مسار 25 جويلية.
وإن أي تردد أو مواصلة للعمل بنفس هيئة الإخلالات الحالية ستكون عواقبه خطيرة لا يمكن تداركها، كما سبق وأن حذرنا وقد ثبتت صحة توقعاتنا تاريخيا فيما ننبه منه منذ سنوات طويلة.
إن دخولنا لمجلس الهيئة الحالي كان فرصة ثمينة تعلمنا منها الكثير ولم يكن من الممكن التفطن إلى عدد من المخاطر الداخلية الجسيمة التي تحيط بعمل الهيئة وتؤثر على مصداقية عملها لولا ذلك.
وقد قمنا بتقييم عملها وعملنا ولم يكن بالامكان فعل أكثر من ذلك في ذلك الظرف التاريخي الدقيق.
ونحن متأكدون أن الإنتخابات المقبلة ستكون ناجحة شرط إصلاح هيئة الانتخابات جذريا ومقتنعون كذلك بأنه من الممكن أن تصبح الهيئة مفخرة للشعب التونسي ولبلادنا لو يتم الاسراع في انطلاق الاصلاحات التي اقترحناها والتي نحن متاكدون أن حتميتها لا تخفى عن رئيس الجمهورية.
إننا جميعا بمن فينا رئيس الجمهورية نرغب في القطع مع الماضي والمضي قدما في إصلاحات جذرية حان أوانها بعد دخول دستور الجمهورية الجديدة حيز التطبيق بنسبة مشاركة مقبولة.
ولن يتم القطع إلا بتصحيح الأخطاء التي إرتكبها مجلس الهيئة المنتهي بسبب عدم الاستماع لنصائحنا رغم تنبيهنا المتكرر له من مغبة ارتكابها وبعد ذلك بتفاديها مستقبلا، إذ أنها أدت إلى تخفيض نسبة المشاركة بين 7 و10 % وفق تقييمات بعض أعضاء الهيئات الفرعية.
وهي نسبة كبيرة تبقى رغم ذلك معها نسبة المشاركة المسجلة في الاستفتاء نسبة معتبرة تضفي مشروعية مهمة وتفتح المجال لتمكن رئيس الجمهورية من أريحية كبيرة في اتخاذ القرار وإصدار المراسيم التي حان أوان إصدارها لتمثل الرد المناسب على صفاقة من يحاولون ليّ ذراعه والاستحواذ على صلاحياته بخزعبلات شكلانية وبخطة "ب" مزعومة ترمي إلى تأبيد أمر واقع لا يخدم مصلحة الشعب التونسي من خلال الاستحواذ على أهم هيئة هدف إنشاؤُها لتمكيننا من تركيز ديموقراطية حقيقية وليس إلى جعلها وسيلة لممارسة أعضائها دكتاتورية مقيتة وتصفية الحسابات الشخصية الضيقة.
إن الهيئة في الواقع هي وسيلة يمكن أن نضع من خلالها وبمساعدتها الجمهورية التونسية في مسار الدول المتقدمة ونزيد في دعم المصداقية الدولية لبلادنا من خلالها.
إنه لمن المستحيل أن ننتظر من أعوان طيّعين للمنظومة القديمة، منظومة ديموقراطية الواجهة أن ينتجوا لنا انتخابات تشريعية جديرة بٱمال وتضحيات الشعب التونسي في 17 ديسمبر وفي 25 جويلية.